la vie des jeunes au rif

حياة الشباب في الريف

(الجزء الأول)

إن الحياة في منطقة الريف لهي صعبة جدا نظرا لعدم توفر الكثير من مستلزمات الحياة الإنسانية و في مقدمتها نجد انعدام فرص الشغل و عدم توفير الدولة لأي حلول جذرية التي من شأنها تمكين الشباب من التخلص من المشاكل التي يعانون منها يوميا 

فبمجرد ما إن ينهض الشاب من فراشه حتى يجد نفسه محاطا بهالة من المشاكل اليومية و التي لا تعد و لا تحصى فما بالك بأن يجد لها حلولا
لأن الحل عندما يكون موجود فإنه يظهر و ينجلي سريعا أمام عيني الشاب 
أما عندما يغيب أو ينعدم فإنه من الصعب جدا الحصول عليه مهما بذلت من مجهودات 

لذلك فإن الحياة هنا في منطقة الريف صعبة جدا تكاد تكون مستحيلة 
و للغوص أكثر في من تسبب في هذه المشاكل المتشائكة علينا أولا بالعودة قليلا إلى الوراء لمعرفة السبب بكل وضوح و ليعلم الجميع من أين أتى هذا حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن 

هذه لمحة سريعة باختصار شديد عن تاريخ المنطقة و الذي من خلاله فقط يمكننا معرفة كل الأسباب التي شكلت هذه الحياة التي نحن الآن في صدد العيش فيها 

مع بداية القرن التاسع عشر أو العشرين 
يعني منذ أوائل القرن الماضي كانت منطقة الريف تعاني من الإستعمار الأجنبي الإسباني الذي جاء من وراء البحار لسرقة خيرات الريف و نهب مقدراته و ثرواته 
و قد ظلت هذه الحقبة السوداء يعاني منها الريفيون مدة من الزمن 
إلى أن تمكن أجدادنا الأبطال من دحر المستعمر و رده من حيث أتى 

لكن بعدما تحرر الريف من قبضة الأجنبي أصبح في يد الدولة المغربية 
و للأسف ظل الريف منطقة مهمشة ردحا من الزمن 
و كان يعتبر من المناطق التي لا يؤبه لها و لا وزن لها على المستوى الوطني 
حيث لم تبادر الدولة إلى عمل أي شيء يعود على الناس بالمنفعة 
مما أثر سلبا على أجيال متلاحقة من الناس 
ففي سنوات الستينيات و السبعينيات كان الريفيون يهاجرون إلى أوروبا بحثا عن العمل هناك و كانت الهجرة سهلة جدا لأن أوروبا كانت حينئذ بحاجة إلى اليد العاملة التي تحفر المجاري و غيرها من الخدمات الشاقة 
أما في سنوات الثمانينيات و بداية التسعينيات فقد أصبحت الهجرة تعرف نوعا من الصعوبات حيث أن جل الدول الأوروبية فرضت التأشيرة أو جواز السفر مما قلل من نسبة المهاجرين 
و إن كانت لا تزال مستمرة لكن بوتيرة أقل مما كانت عليه في السنوات التي كانت قبل ذلك 

و لا يزال الريفيون يهاجرون من أرضهم في اتجاه أراضي الآخرين بحثا عن العمل و عن لقمة العيش التي لابد للإنسان منها 
لأن الدولة كانت قد همشت الريف لسنوات عجاف 

و حتى نكون منصفين و دقيقين فإن الدولة في الآونة الأخيرة بادرت إلى عمل بعض المشاريع في منطقة الريف لأنها على علم و دراية تامة بأن عقول الشباب الحالي ليس كما كان في الماضي 
فالشباب في هذا العصر أكثر تفتحا و أكثر ثقافة و معرفة بما يدور حولهم على المستوى الوطني إن لم نقل العالمي 
نظر لتوفر وسائل نقل المعلومة 
لقد قامت دولتنا المغربية بعمل بعض المشروعات التي تندرج ضمن ما يسمى بالجهوية الموسعة و إن كانت غير كافية للحد من البطالة و حل كل مشاكل الشباب 
فهي على الأقل أحسن بكثير إذا ما قورنت بما كان عليها الريف في السنوات الماضية 

كما قلنا فإن المشاريع سواء التي أنزلت على أرض الواقع أو التي ظلت حبرا على ورق فإنها غير كافية و لم تلبي و لو نسبة صغيرة مما يحل مشاكل الشباب 
و إنما جل المشاريع يستفيد منها فقط أصحاب البطون الكبيرة و المتحايلين بشتى أنواعهم و طرقهم المتعددة 
لكن المواطن البسيط المسكين لا يصله شيء البتة مما يسمونه هم بالمشاريع

لذلك فإن جل هذه الأسباب و غيرها هي التي أدت بالكثير من الشباب الآن إلى البحث عن حياة أفضل كل حسب ما يراه مناسبا له 
فمن الشباب من لا يزال يفكر في الهجرة و إن كان ذلك على متن القوارب المطاطية 
و منهم من يتزوج إمرأة من أجل أن يحصل على أوراق الهجرة و الخروج من المغرب 
و منهم من ظل على بطالته و يقتات من مال أبيه أو أمه أو جدته أو جده إن وجد إلى ذلك سبيلا 

إلا أن البعض من الشباب اختار الطريق الصحيح و بدأ يبحث عن أي عمل يجده و يعمل بمبلغ مئة درهم في اليوم أو أكثر كل حسب ما وجده
لكن للأسف فإن العمل ليس متوفرا هنا بكثرة مما يجعل الشباب يعانون أكثر من الفراغ القاتل للوقت الثمين 

هذا كان بعض المشاكل من الناحية الجيبية و المالية التي يعيشها الكثير من الشباب في منطقة الريف 
و التي كان السبب الرئيسي وراء كل ذلك يتمثل في أمرين اثنين و هما التأثر بفترة الإستعمار أولا ثم التأثر بالتهميش التي عانت منه المنطقة ثانيا 
هذه كانت من الناحية المالية و المادية 


أما إذا تركنا هذا الجانب و جئنا لنتحدث عن بعض المشاكل الأخرى التي يعيشها الشباب في منطقة الريف فنجد مثلا المشاكل العاطفية و المشاكل الأسرية و التعليمية و كذلك بعض المشاكل من الناحية الصحية و التي كانت سببها من مخلفات آثار القصف بالغازات السامة على منطقة الريف و ذلك إبان فترة الحرب ضد الإسبان 
و لا زالت بعض المناطق تعاني من بعض هذه المخلفات 

هذه إذن عينة باختصار شديد و موجز حتى لا أطيل على القراء الأعزاء 



أما إذا جئنا لنتحدث عن حياة الشباب في منطقة الريف من وجه آخر 
فإننا نجد أن الإنسان المواطن الريفي القروي الذي يسكن في البادية يعيش حياة جميلة و هادئة خالية من أي فوضى التي عادة تكون في المدينة 
حيث أن منطقة الريف هي من المناطق ذات المناظر الخلابة التي تنعش القلب و الروح و المنظر 
فإن جولة واحدة في مناطق الريف الطبيعية الجميلة تنسيك كل مشاكل العالم و تجعلك تحس و كأنك في جنة الله على أرضه 
إنها منطقة الريف الجميلة الرائعة 
فالإنسان هنا في الريف يحس بسعادة لا مثيل لها رغم أنه لا يملك شيئا من حطام الدنيا التي هي حتما إلى زوال 

إنهما لمعادلتان متناقضتان اجتمعتا في منطقة الريف 



للتعليق على هذه المقالة باستعمال الفيسبوك إضغط هنا